أحمد البغدادي
الباحثون في الفكر السياسي الإسلامي يعلمون جيداً, ما
قام به قاضي الحريم ابن الفرا من سرقة مفضوحة لكتاب «الأحكام السلطانية
والولايات الدينية» لأبي الحسن الماوردي, حيث سرق نفس العنوان ونفس الأفكار
حرفاً بحرف, فقط أضاف إلى كتابه رأي الحنابلة في موضوعات الكتاب, لأن
الماوردي لم يذكرها بسبب الصراع الديني بين الشافعية الذين يمثلهم الماوردي,
والحنابلة الذين يمثلهم ابن الفرا, علما بأن احمد بن حنبل لم يكن فقيها, بل
كان محدثا, وأن تلامذة ابن حنبل واتباعه هم الذين « صنعوا» «الفقه الحنبلي ».
وكان ابن الفرا يستخدم كلمة« قيل» حين يسرق من الماوردي, حتى امتلأ كتابه بـ
«الأقيال» , علماً بان الماوردي كان من معاصريه.
ولو تمعنا في كتب الأقدمين لما وجدنا هامشاً واحدا يشير الى المراجع التي
نقلوا عنها.
لقد كانت سرقات علنية في وضح النهار, لكن لم يكن أحد يستنكرها لأنهم جميعا
كانوا يمارسونها, ولان مناهج النقد لم تكن متوافرة آنذاك, ولا الكتابة
الاكاديمية التي تقتضي التوثيق, وكانت نسبة الأمية لا تقل عن تسعين في المئة,
إن لم يكن اكثر بسبب عدم وجود مدارس منتظمة, وكان من الطبيعي ان لا يهتم أحد
بالموضوع.
أما اليوم فليس من السهل القيام بذلك إلا في حدود ضيقة, وان كان العالم
العربي مرتعاً - قبل حقوق الملكية الفكرية - لمثل هذه السرقات الأدبية.
ولكن حين يحدث مثل هذا الأمر, لا يحدث فرقاً أخلاقياً كبيراً سواء على مستوى
الأحكام القضائية التي لا تعير مثل هذا الأمر اهتماماً كبيراً, كما ان تأثيره
الأخلاقي في المجتمع لا يكاد يذكر.
وقد أورد الاستاذ محمد الخالدي في زاويته في «الانباء» مثل هذه السرقة لاحد
الموجهين التربويين!! لمقال حول الكويت, نقله كاملاً عن أحد الكتب, ثم اعتذرت
الجريدة عن هذا العمل المشين مؤكدة ان ذلك ليس خطأها, لكن مثل هذا العمل اللا
أخلاقي لم يؤثر في وزارة التربية, برغم ان العمل يتصل بتعليم الأجيال
القادمة, والصدق أولى الفضائل التي ينبغي تعليمها.
في عصر الانترنت, حيث يجد كثير من الشباب ضالتهم في «علم» المعلومات والأخبار
عن طريق الانترنت, فيفضلون قضاء ساعات امام الحاسوب, بدلا من قضاء ساعتين مع
كتاب, أصبح من العسير القيام بالسرقة الادبية, خصوصا وان نشر الفضيحة لا يأخذ
سوى بضعة ثوان, من ذلك ما ورد في الموقع الالكتروني : «الساحة» , حيث نشر شخص
ما اسمه الحركي : « بدر الكويت»
بتاريخ 5/4/2004 - الساعة 1.53 بعد منتصف الليل (والله
فاضي شغل) , التالي :
( نشرت «الجزيرة نت» في موقعها تحليلاً رائعاً عن الحرب في العراق.. وكان
التحليل مع بداية تلك الحرب, وكان التحليل بقلم «إلياس حنا» وهو عميد ركن
متقاعد كما جاء في نهاية التحليل ... وبعد عشرة أيام تقريباً نشر الأخ (أورد
اسم الكاتب الاسلامي) والكاتب في إحدى الصحف المحلية الكويتية « رؤية
تحليلية» بعنوان: حديث السيناريو الأسوأ بعد فشل استراتيجية الصدمة والرعب).
وقد نشر المقال التحليلي المسروق في موقع« بوابة العرب» .
وقد أورد « بدر الكويت »
في مقاله الالكتروني (الجزيرة نت .. وكاتبنا الكبير ....
ومن سرق من ?!!) مقال العميد اللبناني باللون الازرق والمنشور في «-جزيرة نت»
, والمقال التحليلي المسروق باللون الاحمر, مبيناً الفقرات المسروقة خدوا
الفعل بالفعل.
وقد علق أحد المتابعين على هذا الموضوع بالقول لبدر
الكويت:
( يلعن أبليسك يا بدر ... ما شاء الله عليك .. والله قاعد له .. صراحة قوية
... والغرابة اشلون ها الأدمي له وجه يكتب الحين .. على الاقل يطلع ويبرر لنا
ها الكلام, انا عندي اقتراح يا بدر: انا اقول ارسل له ايميل في توضيح لهذه
المكاشفات .. وان ما رد انا اشوف انك ترسل مقالة كاملة بهذه التساؤلات لوحدة
من الجرائد الكويتية أو الخليجية المعروفة ونشوف ردة الفعل .. وهل هناك
إجابة!!)
بالطبع لا ادري ان كانت الجريدة المعنية التي ينشر فيها هذا «الكاتب
الاسلامي» مقالاته قد استلمت مثل هذه المقالة, ام أنها اطلعت على هذا المقال
الفضيحة.
لكن ان عرفت ذلك, فمن الواجب أخلاقياً منع هذا الكاتب من الاستمرار في
الكتابة في جريدتها حفاظا على اخلاقيات المهنة, لان العاملين في الجريدة
المعنية لا يدرون ما اذا كانت المقالات التي يكتبها مسروقة عن الآخرين أم لا?
\ إذا كان رئيس الوزراء يشكو حال الفوضى في وزاراته, إحنا شنسوي? نلطم!!\
بمناسبة ظهور بدايات السلفية الجهادية في الكويت, قيل قديما: « إذا حلقت لحية
جارك فاصبب الماء على لحيتك» وتذكروا عملية « بدر الرياض»
|